أليس عند الطاغية تلفزيون؟ ألا يشاهد القنوات الإخبارية التي تنقل ما يجري في الشارع؟ أليس لديه حشرية أن يسمع مباشرة ما يجري؟ أم هو يكتفي بتقارير المخبرين؟ أولئك الفئران الذين لا يعرفون غير السير بجانب الحائط، من دون صوت أو رأس مرفوع. أليس لدى الرجل من يصرخ له أو يناديه ليرى مشاهد الملايين من المصريين، وهم يهتفون مطالبين إياه بالرحيل وهم يقولون له: مش بالعافية حتبقى ريس؟
أي لغة يفهمها هذا الرجل؟ وهل بقي فيه شيء من صفات الرجل؟ أي مفردات يمكن إدراجها في قاموسه حتى يشعر بأن شعباً بأكمله لم يعد يطيق رؤيته، ولا سماع صوته، ولا ذكر اسمه في نشرات الأخبار؟ وأن هناك شعباً لم يعد يريد أن يرى الآلاف من الفقراء الذين جندوا بالقوة مخبرين ورجال أمن، وهم ينتشرون على جانبي الطريق، وعند الزوايا والمفارق لأنه سيمر من هنا؟ ما الذي يريده بعد؟ هل يريد أن يرى الدماء تملأ شوارع القاهرة والإسكندرية؟ ألا يشعر بالعار، والناس يقولون إن زين العابدين بن علي كان رجلاً أكثر منه؟ ألا يعرف أن الشارع صار بيتاً لكل هؤلاء الذين لا بيوت لهم أو لا أمان لهم في بيوتهم.
وماذا ينتظر الجيش بعد؟ هل يريد أن يرى الشبان والمتظاهرين يدفعون بالجنود جانباً لكي يعبروا باتجاه القصر ليطاردوا الطاغية ويلقوا به عن الشرفة العاجية؟ ماذا ينتظر الجيش بعد حتى يبادر إلى عزل هذا المجنون، ورميه في صندوق سيارة ونقله إلى أقرب مصح للمجانين؟ وما الذي يجعل أبدان الضباط والقادة تقشعر؟ أليس لهؤلاء أبناء بين المتظاهرين. ألا يسمع هؤلاء ما يقوله إخوتهم وأهلهم والأبناء... أم أصابهم الصمم أيضاً؟
في ماذا يفكر عمر سليمان الآن؟ أي سلطة سيورثه