- فريق يتباكى على ضعف قدرات الثوار ويهول من قدرات النظام – وهي حقاً كبيرة – ومن ثم يطالب بتدخل غربي وفرض حظر جوي وقصف مواقع القوة لدى النظام حتى تستطيع الثورة إسقاط هذا النظام الغاشم ، وبعض هؤلاء ربما ينطلق من حسن نية ولكن غالبية المنادين بهذا المسار له أجندته الخاصة التي ترتبط كثير من خطوطها بالمصالح الغربية .
- وفريق آخر يرفع راية رفض التدخل الخارجي ويتراوح في طروحاته ما بين التشكيك بأهداف الثوار أو يرى أن الوضع انزلق إلى وضع الحرب الأهلية التي يجب أن يتم الخروج منها لأنها ستؤدي إلى حرب قبلية أو جهوية قد تنتهي بتقسيم ليبيا ويكاد بعضهم يجاهر بتأييده لبقاء النظام لأنه ضمانة لبقاء ليبيا خارج السيطرة الأجنبية .
- إن طبيعة نظام القذافي الاستبدادية القمعية حقيقة لا يمكن الدفاع عنها ، وإذا كان ثمة مبررات كانت تلتمسها له بعض القوى سابقاً باعتباره نظام ثوري يقف في وجه المصالح الغربية فإنه قد أعلن استسلامه للغرب منذ الاحتلال الأمريكي للعراق حيث دخل بيت الطاعة وقدم مشروعه النووي وكل تفاصيل الحركات الثورية التي كانت على اتصال به للغرب عموماً وللولايات المتحدة خصوصاً ، وحتى لو سلمنا جدلاً بأنه فعل ذلك تقيةً فإنه الآن يعلن وبصريح العبارة أنه هو الضامن للمصالح الغربية وإسرائيل .
- إن الغرب وعلى رأسه أمريكا سارعت لفظياً في البداية إلى تأييد الثورة وطالبت برحيل القذافي لما كان انهيار النظام يتسارع والمدن تتساقط تحت وطأة انتفاضة الجماهير الثائرة وأول ما لجأت إليه هو مصادرة الأموال الهائلة للقذافي وعائلته التي ستكون غنيمتها الكبرى إن لم تستطع فيما بعد تجيير الحدث لصالحها في النهاية ، ولكنها بدأت بتسويف مسألة الحظر الجوي رغم إلحاح القوى التي يمكن أن تكون حليفة لها من المعارضة الليبية وذلك عندما ظنت أن القذافي قد يستطيع حسم الأمور لصالح بقاء نظامه ، وعلى الأخص أنها من خلال الاتصالات التي أجرتها مع قيادات الثورة الشعبية لم تحصل على ما تريد ، وهي لذلك تماطل وتغض الطرف عن هجوم كتائب النظام براً وبحراً وجواً تحت أنظار أساطيلها وحاملات طائراتها المحتشدة أمام السواحل الليبية وذلك انتظاراً منها لخضوع النظام الكامل لها أو لرضوخ الثوار لشروطها في التدخل لمساعدتهم .
- إن مقولة الانزلاق إلى وضعية الحرب الأهلية تصوير لا يطابق حقيقة الأمور ويقصد منه النيل من شرعية الثورة وإضفاء شيء من الشرعية على نظام القذافي الآيل للسقوط ؛ فالثورة في البداية اندلعت شعبية سلمية مثل نظيرتيها في تونس ومصر وتساقطت معظم أجزاء ليبيا تحت انتفاضة الجماهير ، ولما أصر القذافي على البقاء وصب على الثائرين ومناطق وجودهم جام قوة كتائبه الباطشة حوّلها إلى ثورة شعبية مسلحة تدافع عن إرادة الشعب كله ، فالحرب ليس بين مناطق ومناطق ولا بين بين شعب وشعب وإنما بين شعب ثائر ونظام متسلط يأبى الرحيل .
انطلاقاً من هذه الحقائق فإن المؤتمر الناصري العام يعلن تمسكه بالثورة الشعبية في ليبيا العربية ويثق في قدرة جماهيرها على إسقاط النظام الفاسد والمستبد الذي لا يخفي ارتهانه لأعداء الأمة وسيقابل أسلحة النظام الفتاكة باسلحة أقوى وهي سلاح إرادة الشعب وتصميمه على الحرية وإيمانه بعدالة قضيته واستعداده للتضحية والعطاء بدون حدود ، وهو يرفض بذلك كل الدعوات لتدخل القوى الاستعمارية الغربية تحت اية حجة أو مسمى .
إن المؤتمر الناصري العام يرفض مقولة الاختيار بين أمرين : بقاء النظام أو قبول التدخل الأجنبي لأنهما كليهما وجهان لعملة واحدة قامت الثورة للخلاص منهما لأن بقاء النظام نفسه هو بقاء لهيمنة القوى الاستعمارية الغربية وضمان مصالحها باعتراف القذافي نفسه . والخيار الوحيد والصحيح هو إسقاط هذا النظام بقوى الشعب ذاته دون استجلاب المستعمر المحتل ، وهو خيار لا نشك أنه خيار قوى الثورة الشعبية العربية في ليبيا الحبيبة وأنها قادرة على اجتراح النصر بإذن الله . ولكن هذا يرتب على قوى الأمة جمعاء أن تهب لنجدة الثوار الأحرار في مهمتهم الصعبة المكلفة بكل أشكال العون من السلاح إلى التبرعات إلى الخدمات الطبية إلى الإسناد الإعلامي .. الخ ، لا أن تكتفي بالفرجة والتنظير وتمني النصر من بعيد في أحسن الأحوال .
عاشت ثورة الشعب العربي في ليبيا وفي كل أرجاء الوطن العربي
المجد والخلود والرحمة لشهدائها الأبرار
وإنها لثورة عربية حتى النصر وتحقيق أهداف الأمة