للثورة إبقاع
لا أقصد فقد إيقاع البدء، ثم الصعود تدريجيا، ثم إلى النهاية الحاسمة، ولا إيقاع أجساد البشر التي تتحرك، وأنفاسهم وهم يهتفون.
أقصد أيضا إيقاع الكلمات.
إيقاع الشعارات التي تطلق.
فالعثور على الإيقاع هو عثور على الثورة ذاتها في الواقع.
حين يقع الناس على الإيقاع الملائم، تقع الثورة.
أو حين يقعون عليه تنتصر الثورة.
وهكذا، فحين عثر الناس في تونس على شعار (الشعب يريد إسقاط النظام)، بدا لي وكأن التاريخ والأرض والناس معا هم عثروا عليه ومن حددوا إيقاعه. ولأنه كذلك فقد امتد مثل غضب الطبيعة، مثل موجة تسونامي جبارة، من المحيط إلى الخليج (جملة من المحيط إلى الخليج التي عادت للاستعمال بعد أن صارت جملة معيبة في فترة ما).
الثورة إيقاع.
الثورة، في لحظة من لحظاتها، عثور على الإيقاع الملائم.
واتصل بي صديق لم يتصل منذ زمن. اتصل بي صالح مشارقة. تحدثنا معا عن الشعارات. قلت له في لحظة ما: المشكلة أن الإيقاع قد سرق الشباب هنا في فلسطين. أرادوا نكييف الإيقاع الذي أخذنا في طريقه. أرادوا البناء عليه من اجل معالجة أمرنا.
لكن المحاولة لم تكن موفقة في ما بدا لي. فعلى مثال (الشعب يريد إسقاط النظام) قلنا (الشعب يريد إنهاء الانقسام). كنا نبحث هنا عن الإيقاع. كنا نتبعه ونقلده. كنا نبني عليه. وكيف لنا أن لا نفعل، وهو مثل موجة تسونامي امتدت من المحيط إلى الخليج؟ّ كيف لنا أن لا نفعل والأمة كلها ترقص على الإيقاع ذاته؟!
زبط الإيقاع، غير أن الهدف لم يزبط.
هكذا كنت أقول لصديقي مشارقة، أو كنت أريد أن أقول له.
أما هو فقال لي ما معناه: أرجوك بلاش تكتب هيك. بتحبط الشباب.
لم يكن يريد أن يحبط الشباب.
ولم أكن أنا أيضا في وارد أحباطهم.
لكن ها أنا أخالف طلبه وأكتب عن الإيقاع.
لم يكن لدينا نظام كي نسقطه. فنحن تحت الاحتلال. النظام الوحيد الذي يعمل هنا هو نظام الاحتلال. ما عدا ذلك أمر ليس له معنى: حكومة ووزراء ورئيس وزراء ونواب ومجلس تشريعي، كله وهم في وهم. لذا لم نكن قادرين بالتالي على إسقاط شيء. كانت بنا شهوة أن نسقط شيئا ما كي نتبع الإيقاع، لكن هذا لم يكن ممكنا. وفي هذه النقطة بالذات كنا نختلف عن جميع العرب، لأننا تحت احتلال خارجي. كانت بنا شهوة أن نكون مثل الكل، أن لا نختلف عنهم، أن تأخذنا موجة تسونامي الجبارة إلى العلا معهم. فحولنا شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) إلى (الشعب يريد إنهاء الانقسام) كي نعلو الموجة مثلهم.
لكن هذا لم يزبط.
زبط الإيقاع، لكن النتيجة لم تكن واحدة.
شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) كان يبقي الناس العرب في الشارع. كان يضع لهم هدفا كبيرا لا تنتهي الموجة إلا بتحقيقه. أما شعارنا (الشعب يريد إنهاء الانقسام) فلم يكن هكذا. على العكس، لقد أبعدنا عن الشارع. فبه وضعنا القضية بين أيدي أصحاب القضية (عباس وهنية). كل واحد منهم قدم مبادرة، ونحن أحلنا إلى مقعد الانتظار. انتظار لقائهم، وانتظار اتفاقهم. لقد سيطروا هم على الميدان، أما نحن فغادرناه.
أو، للأمانة، فقد بقي منا عشرات فقط من ذوي الإرادة في ساحة المنارة برام الله.
الإيقاع أمر حاسم.
وثمة إيقاع عام نحته وأمسكوه، نحتته الطبيعة العربية ذاتها، وأمسكه الناس: (الشعب يريد إسقاط النظام). ثم أن بعضهم واءمه مع أوضاعه: (الشعب يريد إصلاح النظام). فحافظ بذلك على جوهر الإيقاع، لكن عدل قليلا من مضمونه، في محاولة ناجحة لعدم التخلف عن الموجة. أما عندنا فلم تزبط المواءمة، لأسفي. أخذنا الإيقاع، وغفلنا عن المضمون. تغلب الإيقاع على المضمون هنا.
ولم تكن هذه مشكلة الشباب. كانت مشكلة الكل. كانت مشكلتنا جميعا. على العكس كانت مشكلتنا نحن لا مشكلة الشباب. لم نستطع أن نعثر على شعار ملائم وان ندخله في الموجة الإيقاعية الجبارة: (الشعب يريد إسقاط النظام).
لكن هذا فقط لأن أوضاعنا تختلف جذريا. فنحن من بين جميع العرب تحت احتلال خارجي (مطعم بخشب داخلي). أما الباقون فتحت احتلال داخلي.
الأيام القادمة، الأسابيع القادمة، يجب أن تكون بحثا عن شعار ملائم يدمجنا في الموجة. شعار صحيح يجعلنا نجلس في قمة الموجة كي نهتف به.
Thanks Obaida for this excellent article with its great message at the end.
Have the shifts in Egypt already had their impact on the Palestinian internal balances?
What is the link between the recent reports from Cairo that the Ikhwan and the Army Council are in bed together, the reports from Ramallah and Hamas WB that the time is ripening for Abbas to visit and this report?
أمس ، كنت أتساءل مع صديق عن سر "تأخر" حماس في إطلاق مبادرتها للمصالحة الوطنية... أجابني نقلاً عن لسان مسؤول فلسطيني رفيع في دمشق ، بان حماس تنتظر انجلاء الصورة في القاهرة لتقرر طبيعة خطوتها التالية وتحدد حجم نقلتها الجديدة... المسؤول الرفيع ينقل عن حماس اقتناعها بأن إخوان مصر سيكون لها دوراً مقرراً في السياسة المصرية الداخلية والخارجية ، الأمر الذي سيعزز موقع الحركة وموقفها... المسؤول الرفيع يرى أن حماس تبالغ في تصوير حجم انتصارها ، وقد تأخذها التطورات في سوريا على حين غرة... ولكنه يتوقف فجأة ويسأل: من قال أن التطورات في سوريا ستطيح بالنظام ، ومن قال أن النظام البديل سيكون أقل تعاطفاً مع حماس أو حتى مع حزب الله من النظام الحالي