قوى 14 آذار في لبنان تحبس أنفاسها على وقع التظاهرات في درعا والمسجد الأموي ومدينتي حمص وبانياس... هي تعتقد أن النظام في دمشق ، آيل للسقوط... حتى إن بعض "صقور" هذه الحركة ، نصحوا البطريريك الماروني الجديد بشارة الراعي بالتريث في أداء زيارته "الرعوية" الأولى لسوريا ، وطن المارونية الأول ، حتى لا تُطيل هذه "اللفتة الروحانية" في عمر النظام؟،.
لا أدري إن كانت حسابات الحقل "الآذاري" ستتطابق مع حسابات البيدر السوري... أولاً: لأن من السابق لأوانه إصدار بطاقة نعي للنظام في دمشق والذي لم يستنفد جميع أوراقه بعد ، وإن كان لم يبد حتى الآن تجاوباً جدياً مع أصوات الشارع السوري ونداءاته... وثانياً: لأن إصدار حكم مسبق بأن النظام الذي سيخلف نظام الرئيس بشار الأسد ، سيكون صديقاً لهذه القوى وحلفائها ، هو مغامرة غير محسوبة على الإطلاق... هل أتى التغيير في مصر بأصدقاء لقوى 14 آذار حتى يأتي التغيير بسوريا بمن سيصفق لها؟.. هل يظن هؤلاء أن عبدالحليم خدام أو من هم على شاكلته ، سيكون وريثاً لنظام بشار الأسد؟ هي السياسة بلغة النكايات لا أكثر ولا أقل... هو العالم حين يُرى من "خرم إبرة" اصطراعات أمراء الحرب والمذاهب والطوائف والحارات لا أكثر ولا أقل...أما التغيير الزاحف لا محالة إلى كل دولنا ومجتمعاتنا ، بمن فيها سوريا ، فهو لن يلتفت حين يقرع الأبواب إلى هذه "الحسابات الصغيرة" التي لا تصدر إلا عن سياسيين لا يرون أبعد من أرنبات أنوفهم.
أمس ، كنت أتساءل مع صديق عن سر "تأخر" حماس في إطلاق مبادرتها للمصالحة الوطنية... أجابني نقلاً عن لسان مسؤول فلسطيني رفيع في دمشق ، بان حماس تنتظر انجلاء الصورة في القاهرة لتقرر طبيعة خطوتها التالية وتحدد حجم نقلتها الجديدة... المسؤول الرفيع ينقل عن حماس اقتناعها بأن إخوان مصر سيكون لها دوراً مقرراً في السياسة المصرية الداخلية والخارجية ، الأمر الذي سيعزز موقع الحركة وموقفها... المسؤول الرفيع يرى أن حماس تبالغ في تصوير حجم انتصارها ، وقد تأخذها التطورات في سوريا على حين غرة... ولكنه يتوقف فجأة ويسأل: من قال أن التطورات في سوريا ستطيح بالنظام ، ومن قال أن النظام البديل سيكون أقل تعاطفاً مع حماس أو حتى مع حزب الله من النظام الحالي.
المنطقة تغلي فوق مرجل عملاق... ومع إشراقة شمس كل نهار ، هناك مفاجأة من العيار الثقيل... أمس كنّا في ليبيا نرقب "قصقصة" أجنحة القذافي و"تقليع" أنيابه وأظافره... اليوم صحونا على "انتفاضة درعا"... غداً لا نعلم أين ستتجه عدسات "الجزيرة"