Tuesday, March 1, 2011

يتعين إخضاع قوات الأمن للمحاسبة عن قتل المحتجين في تونس : منظمة العفو الدولية


دعت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية اليوم إلى مباشرة تحقيقات مستقلة على الفور، وذلك في تقرير أصدرته اليوم وأوردت فيه تفاصيل أعمال القتل غير القانونية والتدابير الوحشية لقوات الأمن التونسية إبان الاحتجاجات في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، التي أدت إلى رحيل الرئيس السابق بن علي.

ويكشف تقرير "تونس في خضم الثورة: عنف الدولة أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة " النقاب عن حقيقة أن قوات الأمن أطلقت النار على من وجدوا بالقرب من الاحتجاجات بمحض الصدفة وعلى المحتجين الفارين، كما فتحت النار بالذخيرة الحية على محتجين لم يشكِّلوا أي تهديد لحياة أفرادها، أو لأرواح الآخرين.

وفي هذا السياق، قال مالكولم سمارت، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "لقد تصرفت قوات الأمن على نحو متهور لم يُعر أي اهتمام لحياة البشر في العديد من الحالات لا تكاد تحصى".

"ويتعين على الحكومة الجديدة ضمان فتح تحقيقات وافية ومستقلة بلا إبطاء في أعمال القتل ومزاعم الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها قوات الأمن، وتقديم من تبيِّن التحقيقات مسؤوليتهم عنها إلى ساحة العدالة."

وقال مالكولم سمارت: "إن هذه ليست سوى خطوة أولى لا غنى عنها لقلب الصفحة عن سنوات طويلة من الانتهاكات في عهد الرئيس السابق".
"ويجب أن تضع هذه التحقيقات الحقيقة بين يدي التونسيين، وأن تفتح الباب أمام إنصاف الضحايا وجبر ما لحق بهم من ضرر."

فقد تعرض من اعتقلتهم قوات الأمن وبصورة منهجية للضرب أو أخضعوا لغيره من ضروب المعاملة السيئة، حسبما تشير الأدلة التي يوردها التقرير، الذي تولى جمع مواده فريق لتقصي الحقائق كان في زيارة لتونس ما بين 14 و23 يناير/كانون الثاني.

فالعامل الموسمي غسان شنيتي، البالغ من العمر 19 سنة، تلقى رصاصة قاتلة وهو يحاول الفرار من الشرطة في مدينة تالة الصغيرة في وسط تونس، وفق ما رواه شبان كانوا برفقته.

بينما أكد أحد الأطباء عقب فحص جثته في مستشفى القصرين أن الرصاص أطلق عليه من الخلف.

حيث كان شنيتي أحد خمسة أشخاص قتلوا بالرصاص الحي في تالة في 8 يناير/كانون الثاني مع بدء المناوشات بين المتظاهرين والشرطة.

وأبلغ والده منظمة العفو الدولية:"كان ابني يعمل بأجور شهرية قدرها حوالي 150 ديناراً تونسياً )حوالي 70 يورو( كي يساعد في إعالة الأسرة بأكملها. وقد ذهب للمشاركة في الاحتجاجات. إن دخلنا غير كافٍ لإطعام

الأسرة."

وقُتل مالك حبّاشي، البالغ من العمر 24 سنة، بعد انضمامه إلى الاحتجاجات بفترة وجيزة وعقب تلقيه رصاصة واحدة في العنق مساء 12 يناير/كانون الثاني في حي التضامن، أحد أكبر وأفقر ضواحي تونس العاصمة. وقال شهود عيان إن أحد القناصين هو الذي أطلق النار عليه.

وفضلاً عن ذلك، انهالت شرطة مكافحة الشغب بالهراوات على أخي مالك، واسمه يسري، فأصابته في رأسه وظهره وساقيه وهو يحاول حمل مالك إلى البيت.

وقال والد مالك حبّاشي إن ابنه انضم إلى الاحتجاجات للمطالبة بفرص حياة أفضل، "فجميع التوانسة يرفضون القبول بأوضاعهم المعيشية. وكان مالك يناضل ضد الفساد".

وقالت شقيقة مالك الحبّاشي، التي تدرس القانون، لباحثي منظمة العفو الدولية: "نريد العدالة". وهذه دعوة يرددها معظم أهالي الضحايا.

وشهد يوم 5 فبراير/شباط حوادث عنف جديدة عندما فتحت قوات الأمن في مدينة الكاف النار على محتجين كانوا يدعون إلى استقالة رئيس الشرطة المحلية، الذي يتهمونه بإساءة استخدام السلطة.

فقتلت الشرطة اثنين من المحتجين قالت إنهما كانا يحاولان دخول مركز الشرطة عنوة.

وقد دعت منظمة العفو الدولية سلطات تصريف الأعمال إلى السماح للتونسيين بالتعبير عن آرائهم وبالمشاركة في احتجاجات سلمية دونما خوف من الإصابة أو الاعتقال التعسفي.

وفي هذا الصدد، علق مالكولم سمارت بالقول: "عقب سنوات طويلة من القمع تحت حكم الرئيس بن علي، يتعين على السلطات التونسية اتخاذ خطوات ملموسة لكبح جماح قوات الأمن وغرس ثقافة حقوق الإنسان في صفوف قوات الشرطة، على وجه الخصوص".

"كما يتعين على السلطات أن توضح بجلاء، سواء في القانون أم في الممارسة، بأنه ليس ثمة من هو فوق القانون. ويجب عليها أن تعلن على الملأ أن الأشخاص المسؤولين عن أعمال القتل غير المشروعة، وعن استعمال القوة المفرطة والتعذيب أو غيره من ضروب الانتهاكات، سوف يواجهون المساءلة الكاملة."