يا عرب، بالدور
رجاء حار إلى الإخوة العرب الأحرار في كل الأقطار، ومن لديهم رغبة في القيام بالثورة في بلدهم: نرجو منهم أن ينظموا ثوراتهم بالدور، وأن يحترموا الطابور، حتى تستطيع الأمة أن تقف مع كل ثورة بما تستحقه من الدعم والتأييد، فليس معقولاً يا جماعة أن تقوم ثورة في ليبيا واليمن والعراق والجزائر والمغرب والبحرين في وقت واحد!
لقد كنا بالأمس نتمنى ولو ثورة واحدة، فقامت عندنا ست ثورات في وقت واحد! وهذا شيء مذهل لا نستطع تصوره ولم نكن نحلم به! لقد أسقط العرب في خلال شهرين اثنين فقط ثلاثةَ طغاة في ثلاث دول، تشكل ما نسبته ربع سكان العالم العربي (تقريباً مئة مليون نسمة) وربع مساحته الجغرافية (أكثر من ثلاثة ملايين كيلو مربع)، وهذه أسرع حركة تحرر وتحرير في تاريخ العالم كله!
وإذا استمر العرب على هذه الوتيرة فسيحتاجون لاستكمال تحرير العالم العربي إلى ستة أشهر أخرى فقط، فإذا العرب من الخليج إلى المحيط أحرار كما ولدتهم أمهاتهم، وإذا كل عروش الظلم والطغيان قد سقطت، ليستعيد العرب أوطانهم المنكوبة وأموالهم المنهوبة وكرامتهم المسلوبة.
وأنا أقترح على الإخوة في كل بلد عربي عندهم رغبة بالثورة أن يتم ترتيب الأمور وتنسيقها بين الشباب الثوار في كل الأقطار، إما بالقرعة أو بحسب الحروف، فتبدأ الثورة بالدول التي تبدأ بالألف ثم الباء ثم التاء... إلخ، حتى يمكن لنا جميعاً أن نتابع دوري الثورات العربية ونقوم بالواجب للجميع.
وأرى ضرورة التفاهم مع قناة الجزيرة، الوكيل الحصري لبث هذا الدَّوري، حتى تقوم بتغطية كل ثورة تغطية شاملة، مع اشتراط وجود المفكر العربي الحر عزمي بشارة أو عبد الباري عطوان لتحليل وتوجيه أحداث ومجريات كل ثورة. وبما أن هناك من استعجلوا الآن ونزلوا الحلبة -كالإخوة في اليمن والعراق- فأرى أن يبقوا فيها وأن يسخّنوا حتى يصل إليهم الدور!
وأرى ضرورة أن يراجع أي شعب عربي لا نيّةَ لشبابه بالثورة جِيناتهم، وفي حال ثبوت دمائهم العربية وأنه لا يوجد ما يمنعهم وراثياً من الثورة فبالإمكان إرسالهم في دورة تدريبية تحت عنوان "كيف تصنع ثورة خلال شهر واحد" لدى الشباب في مصر أو تونس أو ليبيا، والاستفادة من خبراتهم في هذا الفن. كما يمكن إقامة معاهد خاصة لهذا الفن في هذه الدول الثلاث، تستقبل الشباب من كل بلد من بلدان العالم كله، مع وضع رسوم للدراسة فيها لتصبح مصدراً من مصادر الدخل القومي العربي!
كما أقترح أن يتم تشكيل لجنة تحكيم في تونس أو مصر لتقدير أداء كل ثورة، ووضع معيار للتحكيم بينها، ومعرفة مميزات كل ثورة وأبرز خصائصها ونقاط الضعف فيها. فإذا كان التونسيون قد حازوا في ثورتهم قصب السبق وكانت ثورتهم فاتحة الثورات، وإذا كان المصريون قد حازوا كأس الثورة الأضخم والحدث الأعظم في هذا القرن، فإن الثورة الليبية كانت الأسرع حسماً والأقوى قصماً. فقد احتاج التونسيون إلى أقل من أربعة أسابيع تقريباً، ونجح المصريون في أقل من ثلاثة أسابيع تقريباً، فجاء الليبيون وحسموا الموضوع في أسبوع!
وقد أصبح لدى العرب ثلاثة نماذج من الثورات مختلفة الطعم والطريقة، فهناك الثورة الشعبية السلمية، وهناك الثورة الشعبية المسلحة، وهناك الثورة التي دعمتها النقابات كما في تونس، والثورة التي دعمتها الأحزاب والتيارات كما في مصر، والثورة التي دعمتها القبائل كما في ليبيا.
وأرى بأن الأخوة في ليبيا (نصرهم الله وأيّدهم) قد أفقدوا الدوري متعته، واستعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة وسعة، وضيقوا واسعاً، وحرموا الأمة من الاستفادة من هذه الدورة التدريبية باختصارهم المدة على هذا النحو... مع أن كل ثورة هي دورة تدريبية نفسية وعملية للعرب كلهم، ليكتشفوا ذواتهم وقدراتهم ومهاراتهم.
ولا أدري من يستطيع أن يضرب الرقم القياسي الذي حققه الشعب الليبي. هل يعقل أن تنجح ثورة في أقل من أسبوع؟! وإذا حدث ذلك فعلاً فإن عدد الدول العربية اثنتان وعشرون دولة، وقد بقي منها تسع عشرة دولة، فإذا صارت الشعوب فيها تتنافس على تحطيم الرقم القياسي فهذا يعني أن الثورة الأخيرة عليها أن تحقق المهمة في ثمان ساعات تقريباً، وهذا شيء لا يكاد يُصدَّق.
وأرى بأن على العرب -حتى بعد تغيير كل الأنظمة- أن يُبقوا على هذا الدوري كل عشر سنوات، فأي دولة لم يتغير فيها نظام الحكم خلال هذه المدة فعلى شعبها القيام بثورة شعبية سلمية، حتى لا تنقطع هذه العادة الكريمة والخصلة الحميدة!
كما أرى ضرورة أن يتصدى المؤرخون والكتاب والمفكرون بتدوين أحداث هذه الثورات وأبطالها وأحداثها ومميزاتها، حتى تكون حاضرة دائماً في ذاكرة الأجيال العربية، لتظل هذه الثورات جزءاً من ثقافتها وممارساتها وسلوكها.
كما يجب دراسة نفسيات الطغاة وممارساتهم وسلوكياتهم، قبل الثورة وأثناءها وبعدها، ومعرفة طبائعهم وحججهم وذرائعهم، وقد تتوصل الدراسات إلى اكتشافهم من صورهم وأشكالهم، لتتجنب الأمة وصولهم للسلطة ولو عن طريق الانتخاب. وهناك تشابه في تصرفاتهم يحتاج إلى وقفات لفهمه:
فهم يخطبون ثلاث خطب ثم يسقطون بعد الثالثة، ويكون الخطاب الأخير يوم الخميس ليلة الجمعة، وكلها في آخر الليل! وكلهم استشرى فسادهم المالي وفساد أسرهم وأبنائهم، وأثروا ثراء أسطورياً، وحوّلوا بلدانهم إلى عزبة وإقطاعية أسرية، وهي حالة تكاد تتصف بها كل الأنظمة العربية الحالية! وكلهم يقول "ليست بلده كتونس"
رجاء حار إلى الإخوة العرب الأحرار في كل الأقطار، ومن لديهم رغبة في القيام بالثورة في بلدهم: نرجو منهم أن ينظموا ثوراتهم بالدور، وأن يحترموا الطابور، حتى تستطيع الأمة أن تقف مع كل ثورة بما تستحقه من الدعم والتأييد، فليس معقولاً يا جماعة أن تقوم ثورة في ليبيا واليمن والعراق والجزائر والمغرب والبحرين في وقت واحد!
لقد كنا بالأمس نتمنى ولو ثورة واحدة، فقامت عندنا ست ثورات في وقت واحد! وهذا شيء مذهل لا نستطع تصوره ولم نكن نحلم به! لقد أسقط العرب في خلال شهرين اثنين فقط ثلاثةَ طغاة في ثلاث دول، تشكل ما نسبته ربع سكان العالم العربي (تقريباً مئة مليون نسمة) وربع مساحته الجغرافية (أكثر من ثلاثة ملايين كيلو مربع)، وهذه أسرع حركة تحرر وتحرير في تاريخ العالم كله!
وإذا استمر العرب على هذه الوتيرة فسيحتاجون لاستكمال تحرير العالم العربي إلى ستة أشهر أخرى فقط، فإذا العرب من الخليج إلى المحيط أحرار كما ولدتهم أمهاتهم، وإذا كل عروش الظلم والطغيان قد سقطت، ليستعيد العرب أوطانهم المنكوبة وأموالهم المنهوبة وكرامتهم المسلوبة.
وأنا أقترح على الإخوة في كل بلد عربي عندهم رغبة بالثورة أن يتم ترتيب الأمور وتنسيقها بين الشباب الثوار في كل الأقطار، إما بالقرعة أو بحسب الحروف، فتبدأ الثورة بالدول التي تبدأ بالألف ثم الباء ثم التاء... إلخ، حتى يمكن لنا جميعاً أن نتابع دوري الثورات العربية ونقوم بالواجب للجميع.
وأرى ضرورة التفاهم مع قناة الجزيرة، الوكيل الحصري لبث هذا الدَّوري، حتى تقوم بتغطية كل ثورة تغطية شاملة، مع اشتراط وجود المفكر العربي الحر عزمي بشارة أو عبد الباري عطوان لتحليل وتوجيه أحداث ومجريات كل ثورة. وبما أن هناك من استعجلوا الآن ونزلوا الحلبة -كالإخوة في اليمن والعراق- فأرى أن يبقوا فيها وأن يسخّنوا حتى يصل إليهم الدور!
وأرى ضرورة أن يراجع أي شعب عربي لا نيّةَ لشبابه بالثورة جِيناتهم، وفي حال ثبوت دمائهم العربية وأنه لا يوجد ما يمنعهم وراثياً من الثورة فبالإمكان إرسالهم في دورة تدريبية تحت عنوان "كيف تصنع ثورة خلال شهر واحد" لدى الشباب في مصر أو تونس أو ليبيا، والاستفادة من خبراتهم في هذا الفن. كما يمكن إقامة معاهد خاصة لهذا الفن في هذه الدول الثلاث، تستقبل الشباب من كل بلد من بلدان العالم كله، مع وضع رسوم للدراسة فيها لتصبح مصدراً من مصادر الدخل القومي العربي!
كما أقترح أن يتم تشكيل لجنة تحكيم في تونس أو مصر لتقدير أداء كل ثورة، ووضع معيار للتحكيم بينها، ومعرفة مميزات كل ثورة وأبرز خصائصها ونقاط الضعف فيها. فإذا كان التونسيون قد حازوا في ثورتهم قصب السبق وكانت ثورتهم فاتحة الثورات، وإذا كان المصريون قد حازوا كأس الثورة الأضخم والحدث الأعظم في هذا القرن، فإن الثورة الليبية كانت الأسرع حسماً والأقوى قصماً. فقد احتاج التونسيون إلى أقل من أربعة أسابيع تقريباً، ونجح المصريون في أقل من ثلاثة أسابيع تقريباً، فجاء الليبيون وحسموا الموضوع في أسبوع!
وقد أصبح لدى العرب ثلاثة نماذج من الثورات مختلفة الطعم والطريقة، فهناك الثورة الشعبية السلمية، وهناك الثورة الشعبية المسلحة، وهناك الثورة التي دعمتها النقابات كما في تونس، والثورة التي دعمتها الأحزاب والتيارات كما في مصر، والثورة التي دعمتها القبائل كما في ليبيا.
وأرى بأن الأخوة في ليبيا (نصرهم الله وأيّدهم) قد أفقدوا الدوري متعته، واستعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة وسعة، وضيقوا واسعاً، وحرموا الأمة من الاستفادة من هذه الدورة التدريبية باختصارهم المدة على هذا النحو... مع أن كل ثورة هي دورة تدريبية نفسية وعملية للعرب كلهم، ليكتشفوا ذواتهم وقدراتهم ومهاراتهم.
ولا أدري من يستطيع أن يضرب الرقم القياسي الذي حققه الشعب الليبي. هل يعقل أن تنجح ثورة في أقل من أسبوع؟! وإذا حدث ذلك فعلاً فإن عدد الدول العربية اثنتان وعشرون دولة، وقد بقي منها تسع عشرة دولة، فإذا صارت الشعوب فيها تتنافس على تحطيم الرقم القياسي فهذا يعني أن الثورة الأخيرة عليها أن تحقق المهمة في ثمان ساعات تقريباً، وهذا شيء لا يكاد يُصدَّق.
وأرى بأن على العرب -حتى بعد تغيير كل الأنظمة- أن يُبقوا على هذا الدوري كل عشر سنوات، فأي دولة لم يتغير فيها نظام الحكم خلال هذه المدة فعلى شعبها القيام بثورة شعبية سلمية، حتى لا تنقطع هذه العادة الكريمة والخصلة الحميدة!
كما أرى ضرورة أن يتصدى المؤرخون والكتاب والمفكرون بتدوين أحداث هذه الثورات وأبطالها وأحداثها ومميزاتها، حتى تكون حاضرة دائماً في ذاكرة الأجيال العربية، لتظل هذه الثورات جزءاً من ثقافتها وممارساتها وسلوكها.
كما يجب دراسة نفسيات الطغاة وممارساتهم وسلوكياتهم، قبل الثورة وأثناءها وبعدها، ومعرفة طبائعهم وحججهم وذرائعهم، وقد تتوصل الدراسات إلى اكتشافهم من صورهم وأشكالهم، لتتجنب الأمة وصولهم للسلطة ولو عن طريق الانتخاب. وهناك تشابه في تصرفاتهم يحتاج إلى وقفات لفهمه:
فهم يخطبون ثلاث خطب ثم يسقطون بعد الثالثة، ويكون الخطاب الأخير يوم الخميس ليلة الجمعة، وكلها في آخر الليل! وكلهم استشرى فسادهم المالي وفساد أسرهم وأبنائهم، وأثروا ثراء أسطورياً، وحوّلوا بلدانهم إلى عزبة وإقطاعية أسرية، وهي حالة تكاد تتصف بها كل الأنظمة العربية الحالية! وكلهم يقول "ليست بلده كتونس"