تطرح التعديلات الدستورية على الاستفتاء العام يوم 19 الجاري كي تضيف متغيراً إلى الحراك السياسي في مصر على غير السياق الذي أرادته الثورة الشعبية التي اندلعت في 25 يناير وحققت حتى الآن إنجازات هامة على طريق إسقاط نظام القهر والاستبداد والتبعية
فالتعديلات المقترحة تأتي على دستور سقط مع سقوط الطاغية في فبراير الماضي حين كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد على غير سند من الدستور . من هنا فإن هذا التكليف وقع باطلاً قبل أن يحوز المجلس الأعلى شرعيته الحقيقية من رضا الشعب المصري الثائر وهذا الأمر الذي أكسبه شرعية الثورة وليس شرعية الدستور . إن إجراء هذا الاستفتاء في هذا التوقيت وما سوف يتبعه من إجراء الانتخابات لمجلسي الشعب والشورى ثم انتخابات الرئاسة , خلال فترة وجيزة , سوف يؤدى إلى إجهاض الثورة والي خلق آليات تمثل الطبقة المسيطرة إبان العهد البائد من فلول الحزب الوطني وزبانيته بالمجالس المحلية وقيادات الشرطة وقيادات الجهاز الإعلامي الحكومي ومؤسسات الإنتاج والخدمات . سيؤدي ذلك إلى إعادة إنتاج النظام السابق وعودة سيطرة الفساد ومراكز النفوذ المالي والعائلي على مقدرات مصر . سيؤدي إلى تقاسم السلطة بين بقايا النظام السابق وجماعات المنتفعين التي اتخذت موقف الدفاع عن التعديلات تحقيقاً لمصلحتها الذاتية وتناسياً لمصلحة الشعب في استمرار الثورة .
يرفض الناصريون التعديلات المقترحة التي تعيد الدستور بعد أن سقط , ويطالبون بتطهير البلاد من السفاحين الذين قتلوا الشهداء وبإجراء المحاكمات العادلة للخونة واللصوص والعملاء الذين أعملوا في مصر كل صنوف القهر والاستبداد والإفقار والتبعية. نطالب بفترة يتم خلالها وضع دستور جديد من خلال جمعية تأسيسية ويترافق معها استكمال الجهد الثوري لإسقاط ما تبقى من النظام السابق وتهئية المناخ السياسي في مصر لإجراء انتخابات تعبر عن إرادة المواطنين وتجرى في ظل نظام برلماني ومن خلال انتخابات بالقائمة وبعد إلغاء مجلس الشورى , وتقليص صلاحيات الرئيس . هذه الفترة الانتقالية لابد وأن تسمح ببلورة قوى الثورة في أحزاب جديدة تعبر تعبيراً حقيقياً عن جموع الشعب ومصلحته وتطلعه للتغيير .
يدعو الناصريون إلى تكاتف كل القوى الوطنية حتى يتم رفض التعديلات حال الاستفتاء عليها , على أن تتخذ الإجراءات التالية :
1- وجوب المبادرة بحل الحزب الوطني لسقوط شرعيته , ولثبوت دلائل كثيرة على وقوفه وراء التحريض على أعمال العنف والبلطجة والفوضى , وقيادة الفلول المضادة للثورة.
2- وجوب حل المجالس المحلية القائمة والمنتشرة في القرى والمراكز والمحافظات والتي يناهز عدد أعضاء الحزب الوطني بها 52 ألف عضو وبنسبة 95% من عضويتها وقد جاءوا اليها بالتزوير الفاضح .
3- وجوب الإلغاء الفوري لحالة الطوارئ , التي تتيح سلطات الاعتقال ووضع المواطن تحت رحمة رجال الأمن ومحاكم أمن الدولة .
4- إصدار قانون جديد للأحزاب , يتيح حرية تشكيل الأحزاب بمجرد الإخطار, بالالتزام بأحكام الدستور , والخضوع للقضاء العادي . وتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية, ثم إجراء الانتخابات البرلمانية بالقائمة النسبية وليس بالنظام الفردي, مع إلغاء مجلس الشورى لعدم الحاجة إليه وتوجيه الأموال الطائلة التي تخصص له لمصلحة الشعب .
5- الإعلان الرسمي من جانب المجلس العسكري عن سقوط دستور 1971 وإصدار أعلان دستوري كامل والإعلان عن جمعية تأسيسية منتخبة تقوم خلال الفترة الانتقالية بإعداد دستور جديد .
6- تشكيل مجلس رئاسي انتقالي يضم عضو عسكري وأربعة من المدنيين , يدير البلاد خلال الفترة الانتقالية لتحقيق الإنجازات المطلوبة خلال سنة على الأكثر .
7- يتعين أن يحقق الدستور الجديد قيام " نظام جمهوري برلماني" يقلص سلطات رئيس البلاد , ويحقق الفصل الموضوعي بين السلطات تحت رقابة البرلمان .
وإلى أن تتحقق هذه المطالب , فإن ثورة شعب مصر وفي طليعتها شبابه الباسل , سوف تواصل النضال والتظاهر والاعتصام , حتى تتحقق خطوات وإنجازات حقيقية على طريق تحقيق آمال شعب مصر في الحرية والعدل الاجتماعي , والاطمئنان على المستقبل .