لم تعد تلك السيدة التي ترسخت صورتها في أذهان الجميع التي تجلس في البيت تائهة بين أدوات المطبخ وأطفالها كثر يرهقونها طلبات وهي سيئة المظهر ، فهي الآن السيدة التي تعرف كيف تتظاهر وكيف تشارك في التعبير طلباتها وتطلعاتها في المرحلة القادمة وهي السيدة التي اختارت دور لا يقل أهمية عن تربية الأبناء فقط وهو المشاركة في الحياة والعمل العام والمساهمة في صنع القرار المحلي وهي التي لا تقل قدراتها عن الرجل بل أحيانا تتفوق عليه والتاريخ ملئ بالنماذج النسائية الناجحة التي استطاعت أن تثبت قدراتها في ظل هيمنة الرجال علي كثير من مراكز صنع القرار.
هذا ما أفرزته المائدة المستديرة الخامسة التي عقدتها ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان بالتعاون مع جمعية الأمل للرعاية الاجتماعية في إطار مشروع تمكين المرأة في الحكم في القرية المصرية والذي يهدف إلي تعزيز مشاركة المرأة في الحكم المحلي بالقرية المصرية "وصول" ، من خلال بناء قدرات النساء على خوض الانتخابات المحلية ورفع الوعي بأهمية المشاركة النسائية في آليات الحكم المحلي وبناء آليات مجتمعية فعالة داعمة للتمثيل العادل للمرأة في المجالس الشعبية المحلية المنتخبة ، وذلك يوم الأحد 13 مارس 2011 بمقر المجلس الشعبي المحلي لمركز ومدينة مينا القمح بمحافظة الشرقية ، بحضور أكثر من 30 قيادة شعبية ومحلية بالمركز والتي تنوعت مابين قيادات محلية وأطباء وصحفيين وكذلك أعضاء في المحليات.
وتناولت المائدة عدد من المشكلات الأساسية التي تحول دون مشاركة المرأة في صنع القرار المحلي في المجتمع الشرقاوي علي الرغم من أن محافظة الشرقية هي من أكثر المحافظات التي شهدت إقبال كبير من قبل المرأة للترشح لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة في 2010 إلا أن هذا الإقبال أقل تجاه المجالس الشعبية المحلية وهو ما حاول القيادات المشاركة في المائدة شرحه واقتراح حلول له . كما أوضحوا أن اغلب الانتخابات في مصر وفي المحليات بشكل خاص تعتبر تعيينات ليس أكثر من ذلك وهو ما كان معهود في فترة الحزب الوطني الحاكم سابقا ، حيث كان الحزب يختار العضو الوحيدة السيدة في المجالس القروية المكونة من 24 عضو وأحيانا كان الحزب يجد صعوبة في إيجاد تلك السيدة بسبب إحجام أغلبيتهن في المشاركة في تلك المجالس .
ما ناقش المشاركون أهم الأسباب التي أدت إلي هذا الإحجام الكبير في الفترة الماضية وكيفية تفاديه في المرحلة المقبلة عليها مصر والتي لخصوها في : قلة التأهيل وفقدان المرأة للثقة في النفس نتيجة هيمنة الرجال طوال السنوات التي مضت علي العملية الانتخابية وصناعة القرار وعدم السماح للمرأة المشاركة والمساهمة فيها والذي ساعد علي ذلك سلبية الكثير من النساء وقلة طموحهن فالمرأة في الريف تقبل طواعية التمييز ضدها.
وخرجت المائدة المستديرة بعدد من التوصيات لتحسين وضعية المرأة وزيادة نسبة تمثيلها ووجودها داخل مراكز واليات صنع القرار المحلي كان أهمها عقد عدد من الدورات التدريبية للنساء في كل القرى في مركز منيا القمح خاصة وان مصر مقبلة علي أكثر من 3 انتخابات فيصلية في تاريخها حول ثقافة الانتخابات والتوعية بأهمية الدستور وحقوقهن القانونية . كما اقترحت بعض القيادات النسائية أن تتعاون كل الوحدات القروية بمركز مينا القمح والتي عددها 11 وحدة محلية قروية في تنفيذ مشروعات تنموية وتوعوية للمرأة استنادا إلي انه إذا تم تمكين المرأة اقتصاديا فان هذا قد يساهم بشكل كبير في زيادة مشاركتها السياسية وذلك يتم بالتوازي مع عقد عدد من الندوات والتدريبات للسيدات حول الانتخابات المحلية ودورهن فيها وكيفية اختيار المرشحين بناء علي برامجهم الانتخابية وكيفية متابعة تنفيذ تلك البرامج .
وفي نهاية المائدة اقترح بعض المشاركين تفعيل دور وآليات ديوان المظالم والذي يقوم بالبحث في المشكلات والانتهاكات التي يتعرض لها الأشخاص في المجتمع خاصة وان أغلبية المتضررات من النساء لأنهن أكثر الفئات تعرضها وإحساسا بمشكلات مجتمعهن.