لو كنت مسئولاً عن الثقافة العربية، لطالبت بأن يدرس طلاب العرب في كل الجامعات حديث الوداع، الذي أدلى فيه "عاموس يادلين" رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، بتاريخ 30 أكتوبر 2010، وذلك لعفوية الحديث، وشموليته، وأهميته، وبلاغته السياسية، ومطابقته لأرض الواقع، فهو مدرسة فكرية لمن أراد أن يعرف كيف يفكر اليهود، وماذا يخططون لبلاد العرب! ويكفي أن أستشهد بفقرتين من كلامه، الفقرة الأولى تخص حركة حماس، والفقرة الثانية تخص محمود عباس، فماذا قال عن حماس؟:
يجب أن تتلاحق الضربات على حركة حماس في الداخل والخارج، فحماس خطر شديد على الدولة اليهودية، إنها تستنهض المنظومة الإسلامية في البلاد العربية والعالم ضدنا، لذلك من المفترض إفشالها، وتبديدها في المدة المقررة في برنامج جهاز الاستخبارات.
وماذا قال عن محمود عباس؟:
يتوجب على إسرائيل أن توجه التحية إلى الرئيسين حسني مبارك ومحمود عباس كل يوم، لما قدماه من استقرار لدولتنا، ومن انطلاق لمشاريعها"
هذه النصائح التي نطق فيها "عاموس يادلين" صارت الأيقونة التي استلهمت منها "تسفي لفني" رئيسة حزب "كاديما" وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة أفكارها؛ حين طلبت قبل يومين من رئيس الحكومة "نتنياهو" العمل على تدمير حركة حماس في قطاع غزة قبل فوات الأوان، وتغيير موازين القوى في المحيط العربي. ولكن الأهم من هذا الكلام ذي الدلالات الميدانية والإستراتيجية، هو طلب "تسفي لفني" من "نتاناهو" أن يبدأ فوراً في عملية تفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقبل فوات الأوان أيضاً!.
لن أهتف مع الآخرين في الشوارع: الشعب يريد إنهاء الانقسام، وإنما سأهتف: الشعب يريد تحديد موقف القيادة السياسية من دولة إسرائيل، هل نحن أصدقاء لإسرائيل، وحلفاء لها؟ أم هل نحن أعداء لهذه الكيان الذي اغتصب أرضنا؟
وهل في مقدور إسرائيل شق صفوفنا، وتقسيمنا، دون أن يشجعها بعضنا، ويتناغم معها، ويهيئ لها الظروف الفكرية والسياسية التي تساعدها على شق صفوفنا؟
وكيف نرضى كفلسطينيين أن تخاطبنا إسرائيل بلغة: الله يحييك، ويلعن أخوك؟!.