Tuesday, February 15, 2011

الميلاد: حبيب عيسى

الآن ، قد يكون الحلم أقرب إلى التحقق بعد انقضاء تجارب بالغة الثراء ، رغم أنها تجارب مرة من حيث المسارات والنتائج ، فالشعب العربي على يد جيل عربي جديد بدأ يقبض على مصيره وقراره بعد أن تحررت إرادته ، وإذا عرف كيف ينتقل إلى بناء مؤسساته الإجتماعية والسياسية والثقافية ويمارس الجدل الإجتماعي فإن الأمة العربية في طريقها لتأخذ مكانها الذي تستحق في هذا العالم ، والجديد الجديد أن الجيل العربي الجديد يمارس الفعل مباشرة ، ويوجّه ، ويقرّر ، وينفذ ، ويستشهد ، لاينتظر إنقلاباً ، ولاقوى خفية ، لاداخلية ، ولا خارجية ، وإنما ، بيديه ، وبصدور عارية وبضعةأحجار يلاحق الطغاة والغزاة ...


وإذا كان هذا ينطبق على جمع القوى والتيارات والاتجاهات بما يتضمن المراجعة والتجديد والانتقال من أحزب الأفراد والعائلات إلى أحزاب الوطن والبرامج ... فإن المشروع القومي العربي التقدمي يولد من جديد مطهراً من سلبيات الماضي والتجارب المرة ، ولعل القوميون العرب التقدميون الجدد يقررون ، الآن ، بالضبط الآن ، أن الأون قد آن لإشهار ميلاد الطليعة العربية في الأجزاء ، وفي الكل العربي ، وفي المهاجر بناء على أسس ومعايير كاملة الأوصاف ، وطوبى لمن ينير الشعلة الأولى ...

لقد لحق بالمشروع القومي العربي التقدمي الكثير من التشويه ، والتصقت به تجارب بالغة التشويه والسلبية ، وحدث انفصام حاد بين الشعارات المرفوعة والممارسات المشينة ، وقد أدى هذا كله إلى أن تلك الشعارات القومية العربية فقدت مصداقيتها بعد أن مرّغها الذين حولوّها من أهداف نبيلة إلى مجرد غطاء لممارسات سلطوية متوحشة ، وقد فاقم من الأزمة غياب المؤسسات القومية التي كان يمكن أن تفرز القوى والمواقف ، إضافة إلى ماتعرض له المشروع القومي التقدمي من تهجم القوى المضادة ، داخلية ، وخارجية مما دفع إلى الخلط بين الأهداف النبيلة ، والممارسات المشينة ، الآن على الطليعيين العرب الجدد أن يقطعوا تماماً مع الممارسات السلبية التي نُسبت إلى المشروع القومي العربي التقدمي دون مواربة ، فهي ُتنسب لمن مارسها ، ولا ُتنسب إلى المشروع النهضوي العربي التقدمي ، وهذا يقضي وضع البرامج والأسس والمنطلقات والغايات بما يجعل الميلاد الجديد للطليعة العربية معرفاً ، ومعروفاً من المنطلقات إلى الغايات ...

إنه الميلاد الثالث للقومية العربية ، الأول كان بمواجهة التتريك مع بداية القرن العشرين ، والثاني كان بموجهة التقسيم وسايكس – بيكو ، ووعد بلفور والاستعمار الأوربي ، والآن الميلاد الثالث بمواجهة الاستبداد والتجزئة والتبعية والفساد ...