Saturday, February 19, 2011

الانقلابية الثورية الشعبية العراقية تبلور كينونتها : صافي الياسري


الانقلابية في مفهومنا هي الملاحقة والاستباق المضطرد للحظة التغيير النوعي ، بمعنى ادراك تلك اللحظة وتمثيل معطياتها وتهيئة متراكم اللحظة الانقلابية الجديدة المقبلة بجدل تحديثي ديناميكي لا يترك فواصل زمنية عبثية بين القفزة والاخرى بحيث تغدو فراغات سائبة يمكن ان يتسلل الخدر من ثغراتها ليرتد بالمسار انتكاسا على عكس قانون السنة الذي يؤكد ، على امتداد البعد الزمني ، الا ثبات ولا انجاز نهائي، وان النهايات تبقى مفتوحة على بدايات اخرى في سيرورة انقلابات وتغييرات نوعية ازلية التتالي .

هذه الفكرة القانون هي التي جعلتنا ننظر الى بدايات التظاهرات العراقية البسيطة على انها اسس يمكن ان تصعد فوقها هياكل هندسية يختلف شكلها ومحتواها ووظيفتها عن تلك المثابة التي انطلقت من عليها ، تماما كما هو الحال مع الثورة الشعبية التونسية والثورة الشعبية المصرية ، بمعنى ان تكون اكثر تعقيدا وان تكون سقوف مطالبها اعلى ،وهنا يمكن التاكد كم هو سخيف وبعيد عن الواقعية القول ان هذه التظاهرات وسيلة لتشريع الاحتلال عبر التقاط بعض مشاهدها التي لا تعني اكثر من كونها ادراجات تثير الابتسام لطرق تفكير الشباب غير التقليدية في خلق ثورتهم او تاطيرها باطر رومانسية مبتكرة وغير مالوفة لا تتمكن من استيعابها تلك العقول النمطية المقولبة فالثورة قد تكون مثابتها اغنية غرامية ترد فيها عبارة ينصرف الذهن نحوها ويتشكل الوعي الجماعي حولها لايقاد ثورة اجتماعية او سياسية لا تبقي ولا تذر .. او اندفاع هامش ما في لحظة ما في ظرف ما غير محسوب ليستحيل متنا ثوريا مدمرا ، واين يضع هؤلاء السذج تظاهرات السليمانية التي وقفت في وجه عملاء الاحتلال من عصابات الاحزاب الحاكمة المتواطئة علنا مع المحتل والاحتلال والعاملة في صفوفه ؟؟ ان الكلاسيكية النمطية في رؤية وتصور ثورات الشعوب او انطلاقاتها لم تعد موجودة الا في خيالات تلك العقول المتحفية التي يجب دفن جثتها بما يليق بها من احترام للفولكلور الفكري الثوري ، ويمكن التاكد كم هي فارغة تلك النظرة الى الحراك الشعبي على انه يصطف الى جانب الاحتلال لان الجنرال الفلاني صرح كذا او قال كذا في ما قد يفهم منه انه اصطفاف الى جانب التظاهرات ، ومن ثم توفير سبب ادانتها ؟؟ ليس هذا بمشكلتنا او بما يوجب علينا التعامل بسذاجة فكرية مفادها انه مادام عدوي لا يعادي التظاهرات ولا يقمعها فهي من فعله او تصب في تياره ، علينا النظر اليها كفعل قائم بذاته والى مؤثراتها ودوافعها الجدية الحقيقية وليس الى المؤثرات الشكلية الشبحية والتقاط بارزها ومن ثم قسرها على ان تكون اساءة الى ذلك الفعل ، بينما الاصح استكناه النتائج من المقدمات وما توميء اليه او السعي الى وضع اسس خلقها مساهمة في تثوير الخطوط الباردة وتسخينها بدلا من التشكيك واشاعة الفهم الساذج القاصر ، بينما تضع التظاهرات في جوهرها الاحتلال والمحتل وعملاءه في سلة سرابية في مهب الريح ضمن انطلاقتها المتدرجة على وفق مبدأ التحدي والاستجابة وعلى وفق طروحات جدلية سيرورتها الخاصة ، المؤسسة على مبدأ التغيير وليس الاصلاح ،فان نجحت فبها وان اجهضت فالى سواها في مقبل الايام مع الاستفادة من اغلاط الصفحة ، وسنترك النائمين لخدرهم وسذاجة احلام يقظتهم وتهيئاتهم سادرين في لجج الوهم وهم يبررون هروبهم وكسلهم وتعفنهم بنثر الاتهامات البائسة التي تثير السخرية ،