يتزعم الحركة السلفية في تونس، الخطيب الإدريسي (56 عاما) الذي سجنته السلطات التونسية لمدة عامين، وأطلقت سراحه أوائل يناير 2009 بعد إنهائه عقوبة بتهمة «الإفتاء بقيام عمليات جهادية وعدم الإرشاد عن وقوع جريمة»، بالرغم من أن المحامين قالوا أنه «لم يرتكب من الجريمة سوى إبداء رأيه في بعض المسائل العقائدية والفقهية».
اشتهر الإدريسي بعد عودته من المملكة السعودية عام 1994، ولمع اسمه خاصة في أوساط الشباب الإسلامي، وصار يقبل عليه التونسيون للإفتاء في الأمور الدينية، وأصدر عددا من الكتب منها: «صفة الصلاة»، و«كتاب الأذكار»، و«ترتيل القرآن».
فقد كشف تقرير أصدرته "الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين" تضمَّن تحليلاً لملفات (1208) من المعتقلين السلفيين تحت طائلة قانون الإرهاب لعام 2003. أن الشريحة العمرية الرئيسة لهؤلاء تتراوح بين 25 و30 عامًا. وهي قد تنخفض أحيانًا لتصل حدود 19 عامًا. أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي، فإن 46% منهم ينحدرون من مناطق شمال تونس، و31% من وسط البلاد، في حين أن 23% فقط هم من أبناء الجنوب.
وفي إطار "عولمة الإسلام" التي امتدت إلى الأرض التونسية "العطشى" تمكن هؤلاء من التواصل من وراء الجدر التي وضعها النظام السابق، سواء عبر الإنترنت أو بمتابعة القنوات الفضائية، مستفيدين من التكنولوجيات الحديثة. إذ كان يمكن للمتابع أن يلاحظ نشاطات السلفيين في تونس عبر الشبكات الاجتماعية والمنتديات التي سهلت عليهم تقاسم مقاطع الفيديو والفتاوى التي تصدر عن شيوخ السلفية هنا وهناك.
وتتوزع السلفية التونسية بين رافدين أساسيين: السلفية العلمية، وهي سلمية ونشاطها دعوي بالأساس، ويركز دعاتها جهودهم على الجانب الفقهي والعقائدي وطلب العلم الشرعي، وهم يتقيّدون بالمراجع الشرعية وفتاوى كبار علماء السلف.
وتيار "السلفية الجهادية"، وهذا الأخير بدأ يحقق انتشارا متزايدا، وانخرط فيه تونسيون شاركوا في عمليات جهادية كان أكثرها خارج بلادهم، خاصة في أفغانستان والعراق والجزائر وموريتانيا وليبيا، وعدد من المناطق الساخنة عبر العالم.
فقد أثبت محامون من خلال تحقيقات الشرطة التونسية مع المئات من الشباب السلفيين الذين جرى اعتقالهم خلال السنوات الماضية، أن اهتماماتهم لم تكن محلية، بل كان كل همهم التطوع للجهاد في العراق، أو السعي للتدرب في الجزائر، بغرض الانتقال إما للعراق أو أفغانستان أو حتى الصومال، ولم يثبت من ملف أي معتقل أنه كان مهتما بشكل خاص بما يجري في الساحة التونسية.
أما المجموعة التونسية الوحيدة تقريبا التي نسب إليها القيام بأعمال في البلاد، فهي مجموعة "جند أسد بن الفرات"، التي اتهمت بالسعي لقلب نظام الحكم عام 2007 بالتعاون مع الجماعة السلفية للدعوة والجهاد في الجزائر (تنظيم القاعدة). وقد دفع أكثر المتهمين فيها بأنهم لازموا الجماعة المسلحة في محاولة للتخلص من "مضايقات" الشرطة