تقوم الولايات المتحدة هذه الأيام بتحرك منسق، مع سائر القوى الغربية عموما، لاحتواء (الثورات العربية) أو لإجهاضها، من خلال العدوان المباشر على ليبيا، وتحويل بشائر ثورتها الأخيرة، إلى حرب أهلية- دولية ، والعمل على محاصرة ثورة مصر من داخل جوارها الليبي، تمهيدا لتصفيتها تصفية (ناعمة) ، إلى جانب محاولة استغلال الظرف السوري لإجراء تغير (دراماتيكي) في المشرق العربي يمتد إلى العراق وإيران ولبنان و(حزب الله)، ومن ثم إلى فلسطين ومصر أيضا- بالإضافة إلى تعطيل دولاب الثورة اليمنية ، بعد أن ألجمت الانتفاضة في البحرين وعُمان، مع محاولة المصادرة على الثورة الأردنية – الفلسطينية . وينطلق ذلك كله، من (الخطة المؤجلة) لإعادة هيكلة (الشرق الأوسط الكبير) التي كان جرى وضعها بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وجرى تعطيلها بفضل المقاومة العراقية الباسلة، والتحول في توازن القوى الإقيلمي على صعيد (سوريا- لبنان).
هذا التحرك الأمريكي القوي المنسق، يعود بنا إلى أهمية تفحص الموقع الراهن للولايات المتحدة في هيكلية النظام العالمي، من أجل المساهمة في إضاءة الطريق أمام قوى الثورة العربية الطليعية، لرسم خطاها الاستراتيجية القادمة . وهذا المقال محاولة لإثارة النقاش
حول هذه القضية ، من زاوية محددة ، هي التحولات الجارية في صياغة الخطاب الفكري والسياسي لمشروع الهيمنة الأمريكية العالمي