أين رضا هلال؟
لا يزال لغز اختفاء الصحافي المصري رضا هلال، منذ أغسطس (آب) 2003 في القاهرة، أمرا محيرا، حيث اختفى الرجل في ظروف غامضة، وتلاشى اسمه بعدها وكأنه شخص غير معروف على الإطلاق!
رضا هلال كان كاتبا معروفا، ومساعدا لرئيس تحرير صحيفة «الأهرام»، كما كان زميلا لنا في هذه الصحيفة، حيث كان يكتب مقالا أسبوعيا. ورغم أنني لم ألتقه شخصيا، فإننا كنا على اتصال هاتفي منذ بدأ الكتابة لصحيفتنا. اختفى رضا هلال وكأن شيئا لم يحدث. لم يكترث باختفائه أحد من الصحافيين المصريين، إلا قلة. لم يقل أحدهم لنفسه: ماذا لو حدث لهم نفس ما حدث لرضا هلال؟ والمؤلم أنه حتى بعد تنحي الرئيس مبارك، ووضع وزير الداخلية المصري السابق حبيب العادلي السجن لم يزل الصمت مستمرا حول قضية اختفاء رضا هلال.
آخر ما نشر من معلومات مهمة عن اختفاء رضا هلال كان في صحيفتنا في أغسطس 2009، حيث أشارت معلومات إلى أنه حي يرزق في أحد سجون الإسكندرية، ووقتها رفض الأمن المصري تأكيد أو نفي تلك القصة. واليوم لا يزال السؤال نفسه قائما: أين رضا هلال؟ فمع توالي الأنباء عن عمليات إحراق وإتلاف وثائق للأمن العام المصري في عدة محافظات مصرية، ومنها الإسكندرية، صار المرء يخشى من أن فرص معرفة مكان الصحافي رضا هلال، أو ما حدث بحقه، باتت تتلاشى. وهذا أمر محزن بالفعل.
الصحافة المصرية مشغولة اليوم بوثائق الأمن، وما فيها من معلومات تخص بعض الشخصيات المصرية. فهذا موسم الفضائح، وتصفية الحسابات التي يبدو أنها ستطال أناسا كثيرين، بحق أو بدون وجه حق. وهذا أمر مفهوم، خصوصا أننا نتعامل مع وثائق نظام عمره ثلاثون عاما، ويبدو أن الأمن المصري هو من كان يصعد ويهبط بالناس. لكن لا يزال الأمل كبيرا في أن يتم الكشف عن خفايا قصة اختفاء رضا هلال، طبعا والأهم من ذلك، إطلاق سراحه في حال كان على قيد الحياة.
فلا يهم، ما إذا كان الإعلام المصري يتفق مع ما كان يكتبه رضا هلال أم لا، وهو المدافع عن الديمقراطية، وصاحب العبارة الشهيرة «أيتام صدام» بعد سقوط النظام العراقي البائد. لكن المهم أن يسعى الإعلاميون المصريون اليوم لكشف المزيد عن هذه القصة المحزنة تجاه زميل لهم في المهنة، ويبدو أنه دفع ثمنا أقسى مما دفعه بعض الإعلاميين في مرحلة النظام المصري السابق.
رضا هلال كان صحافيا مصريا راقيا، وصاحب رؤية واضحة، ويعرف ما يريد جيدا، وقصة اختفائه محزنة ومحيرة. فكيف يختفي صحافي صاحب موقف ومعارك، في وضح النهار وسط العاصمة المصرية من دون أن يعرف أحد عنه شيئا، بمن فيهم الأمن المصري، خصوصا أن مقر سكنه في منطقة قصر العيني وقرب مباني البرلمان والحكومة، والسفارتين الأميركية والإنجليزية!
لذا، فكل الأمل اليوم أن تنتهي مأساة رضا هلال قريبا، إما بإطلاق سراحه، وهذا هو المؤمل، أو معرفة حقيقة ما جرى بحقه.