Thursday, March 3, 2011

الكاتبة كوليت خوري وبداية العلاقة الحميمة مع المبدع معمر القذافي

قبل أن أبدأ مداخلتي التي هي أطول من المداخلة بقليل، وأقصر من الدراسة بكثير،الأعزاءأولاً : أنا قرأت الكتاب فعلاً بمتعة حقيقية ، ذلك لأن هذا الكتاب هو في الوقت نفسه خفيف الظل عميق المعاني ، يدعو إلى التفكير الجدي وإلى التقطيب أحياناً ، دون أن يمحو البسمة من الشفاه ، يفتح المجال واسعاً للتأمل وللتساؤل وللحلم وإعادة النظر ، أي يشغل البال ويريح النفس في آن معاً . هذا عدا عن سلاسة اللغة وتلاحق الصور المبتكرة وهذه الحميمية الجملية التي تجعل بعض النصوص تعبق بالدفء هذا حول الكتاب .

أما عن الملاحظة التي تحولت إلى سؤال سبقني إليها بالأمس الأستاذ واسيني الأعرج ، وأنا آسفة لأنه ليس هنا الآن كي أواسيه وأؤكد على سؤاله رغم ان الأستاذ الكبير فؤاد قنديل ، حاول أن يعطي جواباً على السؤال ، سأطرح السؤال على طريقتي الخاصة . كيف استطاع معظم الأساتذة النقاد ، ونحن نعلم أن الناقد يبحث عن خلل بسيط أو عن ثغرة أو عن أي فتحة يدخل أو يتسلل من خلالها إلى النقد . كيف استطاعوا - الأساتذة والنقاد الأدباء - أن يجمعوا على أن هذه المجموعة الأدبية هي مجموعة قصصية .

أنا أعتقد أن واضع الكتاب القائد معمر لم يقل إنها مجموعة قصصية رغم إنه كتب على الغلاف (وقصص أخرى) .

عندما تسلمت هذا الكتاب عجبت من العنوان الطويل "القرية القرية الأرض الأرض وانتحار رائد الفضاء وقصص أخرى" وبعد أن قرأت الكتاب اكتشفت أن هذا الكتاب هو مجموعتين والعنوان هو عنوانان في وقت واحد العنوان الأول : هو "القرية القرية والأرض الأرض" ويندرج تحت هذا العنوان عدد من النصوص التي تشبه هذا النوع من الابداع الأدبي ، العنوان الثاني : هو "إنتحار رائد الفضاء وقصص أخرى" ، والقصص الأخرى هي القصص الموجودة في الكتاب مثل (الموت) هو قصة بديعة .. وأعود إلى سؤالي الذي طرحه أمس الأستاذ واسيني ، هل كان النقاد يجمعون على أن هذه النصوص هي قصص لو كان الكاتب غير الحبيب العزيز علينا معمر القذافي ؟ أنا في رأيي كانوا غيروا رأيهم . وأصل إلى سؤال آخر : هل يعتقد النقاد والأدباء أنهم أنصفوا هذا الكتاب عندما أسموه مجموعة قصصية ؟ أنا أعتقد أنهم ظلموا بعض النصوص ذلك لأن الأساتذة والأدباء الذين حاولوا إيجاد التبريرات وقالوا: ان معمر القذافي حطم القوالب التقليدية.. خرج عن المتبع والمألوف في هذا العمل الابداعي.. عادوا ووضعوا هذه النصوص في قالب اسمه قصة ، فحاصروا النص من جديد وظلموه إذ أعادوه إلى القالب الذي اعترفوا أن الكاتب خرج عنه . لماذا لم يتركوا النص يشق طريقه بنفسه في دنيا الأدب ؟ النص الأول مثلاً (المدينة) - أنا ابنة مدينة- وخلافاً لما قيل في الأمس أنا أعجبت بهذا النص إلى أبعد الحدود فهو لوحة ملونة ناطقة ، حملتني رغم جموح الخيال فيها إلى واقع أعرفه واعيشه ، إن لم يخطر ببالي أن أحلله وأصفه ، وأقول إن هذا النص هو لوحة أدبية لأننا نستطيع أن نقرأ هذا النص من أوله أو من منتصفه إلى آخره أو العكس ، أي بمعنى إننا من أينما أتينا النص وكيفما تناولناه وجدنا الأفكار الجديدة والصور المبتكرة وشطحات الخيال.. ونبقى دائماً في المدينة مهما تجولنا . لماذا يصر السادة المثقفون على تسمية هذا النص الحيوي الجميل بالقصة ؟ كيف لم يخطر ببال واحد من النقاد الأدباء أن يقول إن النص الذي يتحدث عن المسحراتي هو أقرب إلى المقالة منه إلى القصة ؟ وهذا ليس عيباً على العكس هذا لا يقلل من قيمة العمل (المقالة) نحن في عصر ازدهار المقالة ، بل ان المقالة هذه الأيام سبقت الشعر وسبقت الرواية وهي تنافس القصة إلى القمة ؟ لماذا لا نقول إن بعض النصوص في هذا الكتاب هي أقرب إلى المقالة ؟ قد لا تكون هي مقالة، بل لماذا لا نقول إن معمر القذافي وجد مجالاً جديداً في الأدب. الأدب دنيا تتسع لشتى المجالات وهنا يتحول سؤالي إلى إقتراح ، واطرح الفكرة جدّياً... لماذا لا نجد مجالاً جديداً في دنيا القصة نسميه مثلاً اللوحة القصصية أو القصة اللوحة أو شئ كهذا يندرج تحت هذا العنوان، يندرج فيه هذا النوع من الإبداع الأدبي الذي هو بين القصة والمقالة، والذي هو بالأحرى لوحة قصصية مرســومة بالكلام، مكتوبة بالنبض، توحي بأجواء، وتطرح أفكاراً وأراء، ونجد أنفسنا ونحن منسابين مع اللوحة ، نعيد النظر في أمور كثيرة كنا نعتقد أننا نعرفها ، مثلما وجدنا مجالا في جديدا في الشعر الحديث وشعر التفعيلة ، وهذا الاقتراح جدير بأن نناقشه .

وكي أنهي كلامي أقول : إن المبدع معمر القذافي حطم هذه القوالب ليخرج منها لا ليبقى فيها .. ويجب أن نجد لهذا النوع من الأدب عنواناً .

يبقى أن هذا الكتاب "القرية القرية والأرض الأرض" هو عمل إبداعي فعلي وهو في رأيي مجموعة أدبية غنية ضمت القصة القصيرة والمقالة واللوحة القصصية . وكان الكاتب متألقاً في كل هذه المجالات .

وشكراً لكــم ..