عاشت الممثلة السورية كندة علوش وقائع الثورة المصرية في أيامها الأولى، قبل أن تضطر لمغادرة مصر تحت ضغط قلق الأهل في سوريا.
وقالت في مقابلةٍ خاصة مغيّر طريقة تفكير المواطن العربي، أما الخسائر والأزمات المادية التي قد تعانيها مصر بسبب الأحداث التي جرت مؤخراً، فلا تقاس بحجم المكاسب التي حققها الشعب المصري.
وعلى صعيد شخصي، توقعت كندا النجاح لفيلمها المقبل (الفاجومي)، الذي يروي سيرة حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم، باعتباره أحد أبرز ملهمي ثوّار "ميدان التحرير".
وفيما يلي نص المقابلة:
- وسط انشغالاتك الفنية ومشاريع التصوير... كيف تفاعلتي مع أحداث الثورتين التونسية والمصرية؟
كنّا نمارس نشاطنا بشكلٍ طبيعي في مصر، حينما بدأت وقائع الثورة التونسية، وتابعت أخبارها أولاً بأول عبر وسائل الإعلام، وكان الأمر مفاجئاً بالنسبة لي، باعتباره يمثل تطوراً كبيراً على صعيد شكل تفكير المواطن العربي، وكيف بدأ يعبّر عن نفسه بجرأةٍ غير مسبوقة. إلا أن أحداً لم يتوقع أن تمتد الأحداث بهذه السرعة إلى مصر، رغم أن الظروف التي كان يعيشها المواطن المصري لم تكن أقل سوءاً من الأحوال في تونس على مستوى الفقر والظروف المعيشية السيئة، واستمرار النظام في الحكم لعشرات السنين. ثم أتى يوم الخامس والعشرين من يناير لتتوالى الأحداث على نحوٍ مفاجئ للكثيرين.. فميدان التحرير بالقاهرة أخذ يمتلئ بالمحتجين، وكذلك الأمر في مدنٍ مصريةٍ أخرى، لتكون المظاهرات في أكبر حالاتها خلال ثلاثة أيام، ويوم الجمعة 28 يناير كان يوم تصوير عادي بالنسبة لي، وكنت وقتها أصور دوري في فيلم (المصلحة) من إخراج ساندرا نشأت.. إلا أن المواجهات التي حدثت في ذلك اليوم، وما تلاها من أحداثٍ دامية، وبدءٍ حظر التجوال في اليوم ذاته أدى إلى توقف أشغال الناس كلها، حيث أخذت الحياة منحى آخر، وانقسم الناس بين معارض للسلطة ومؤيدٍ لها، وتغيّر وجه مصر منذ ذلك التاريخ.
- ما هي الظروف التي غادرت فيها القاهرة؟
بالنسبة لي لم يكن هناك شيء يدعو للخوف، فالمنطقة التي كنت أعيش فيها كانت آمنةً نسبياً، في حي (الدقي)، كما أتاحت لي الظروف أن أتابع عن قرب تجربة إنسانية غنية ونادرة في عالمنا العربي.. تجربة شعب عبّر عن نفسه ومطالبه دون أن يخشى القمع.. والشباب الذين احتشدوا في ميدان التحرير كانوا يمثلون طبقة مثقفة وواعية، وهذا الأمر بحد ذاته يدعو للتفاؤل.. ثم بدأت مظاهر الانفلات الأمني، وهروب المساجين، والاختفاء التام لعناصر الشرطة، مما أثار الكثير من علامات الاستفهام في مدينةٍ كبيرة كالقاهرة، يصل عدد سكانها إلى 20 مليون نسمة، ولا ترى فيها بين عشيةٍ وضحاها أي عنصر من عناصر الأمن.. وفي مواجهة الخوف الذي شعر فيه الناس بدأت اللجان الشعبية، التي تشكلت في مختلف مناطق المدينة، بحراسة البيوت، وتنظيم المرور، لنعيش شكلاً من أشكال التكافل الاجتماعي لم أشهد مثله في حياتي، إلا أنني اضطررت للمغادرة تحت ضغط قلق الأهل في سوريا، ولو كان الخيار لي لما غادرت مصر.