نحن، الموقّعين أدناه، نرفع صوتنا عالياً في مواجهة تدخّل عسكريّ إمبرياليّ آخر ضدّ دولة عربيّة هي ليبيا. إنّ الحقبة العربيّة الجديدة، التي أشعلتها انتفاضةُ تونس العظيمة، لم تنتهِ فصولها بعد، لكنّ دول الاستعمار المُتجدّد تعبّر عن هلعها وهلع وكيلتها إسرائيل. لقد شكّل سقوطُ نظام حسني مبارك ضربةً لركنٍ من أركان نظام الطغيان العربيّ الذي ترعاه الولاياتُ المتحدة وإسرائيل، فدَفع بهاتين ـ إضافةً إلى السعوديّة ـ إلى شنّ ثورةٍ مُضادّةٍ تسعى إلى إجهاض الثوراتِ العربيّة.
إننا نعلن دعمنا المطلق لإطاحة الشعب الليبيّ الشجاع بنظام القذافي (الذي يتقيّأ شعاراتٍ مُتناقضة : فهو ساعةً وكيلٌ ذيليٌّ لإدارة بوش، وساعة يبيعنا شعاراتٍ ضد الإمبرياليّة). لكنّننا نشجب شجباً مطلقاً القصفَ الجويّ الأميركيّ (والغربيّ) لليبيا، الذي يتزامن مع القمع القذافيّ البريّ وقد يطول الاثنان معاً (على ما سبق أن حدث في العراق بين عاميْ 1991 و2003)، فلا يؤذي القذافي الذي يرتكب جرائمَ يندى لها الجبين ضدّ شعبه بقدر إيذائه هذا الشعبَ. ثم إننا لا نثق طبعاً بوعود الدول الغربيّة التي لم تظهر يوماً تعاطفاً مع الضحايا العربيّة المدنيّة، خصوصاً مع شعبنا الصامد في فلسطين المحتلّة والعراق وجنوب لبنان.
أما توكيل « الجامعة العربيّة » للتحالف الغربيّ فهو لا يعبّر إلا عن موقف حكومات الطغيان العربيّ المتحالفة مع الولايات المتحدة. ولذلك نطالب الجامعة العربيّة (من دون أمل كبير) بأن تتجاوب، ولو مرة واحدة منذ عقود، مع نبض الشعب العربيّ، فترفض التدخّل الأجنبيّ. كما نطالب مصرَ الثورة وتونسَ الثورة بدعم انتفاضة الشعب الليبيّ المجاور؛ فالدعم الحقيقيّ (لا الكاذب) لا يحتاج إلى قصف يودي دوماً بحياة المدنيّين والمدنيّات، ولقد شاهدنا وعانينا نمط الحرب الأميركيّ في أكثر من دولة عربيّة، ولم نُعجب بالأداء والنتائج.
هذه لحظة تاريخيّة لا تشبه سابقاتها في التاريخ العربيّ المعاصر. إنّ الطغاة العرب يواجهون، بشراسةٍ ما بعدها شراسة، شعوبهم المصرّة على التحرّر والكرامة. إننا نطالب بدعم التحرّكات الشعبية العربية في كلّ دولة عربيّة بلا استثناء، ونشجب محاولة الأنظمة العربيّة وأبواقها الإعلاميّة وصفَها بأنها « مشبوهة » أو « من صنع أدوات خارجيّة ». كما ندين بشدّةٍ موقف محطة « الجزيرة » التي شاركتْ في التعتيم الإعلاميّ على القمع السعوديّ ـ البحرينيّ في البحرين، والعُماني في صحار، والتي تساهم تغطيتُها في تأجيج المذهبيّة الشوفينيّة الموجّهة ضدّ المنتفضين في البحرين والسعوديّة.
لنقلْ كلمتنا، ولنشكّلْ هيئة عربيّة ـ عالميّة جامعة من أجل مناصرة الانتفاضات العربيّة. فليسقط النظام العربيّ الرسميّ الذي قمع شعوبه من المحيط الى الخليج !
من الموقّعين (بالترتيب الألفبائيّ) : أسعد أبو خليل ـ جوزيف مسعد ـ حيدر عيد ـ رامي زريق ـ رانية المصري ـ زياد حافظ ـ سماح إدريس ـ عبد الله حبيب ـ عمر البرغوثي ـ معين ربّاني ـ منى أنيس ـ نادر فرجاني ـ نصري الصايغ ـ هدى لطفي ـ هشام البستاني ـ ...